2025- 05 - 09   |   بحث في الموقع  
logo جعجع التقى وفدَي “الكتلة الوطنية” و”خط أحمر”.. هذا ما تم بحثه logo وزير خارجية إيران يزور السعودية وقطر قبل جولة ترامب في المنطقة logo الخارجية الأميركية: نحن على بعد خطوات من حل لإيصال المساعدات الى غزة logo من هو المرشح لعضوية مجلس بلدية طرابلس سمير مسعد؟ logo من هو المرشح لعضوية مجلس بلدية طرابلس ظهير صافي؟ logo “الريجي” ضبطت مصنوعات تبغية مهرّبة ومزوّرة logo “الجديد” بين التطهير والطرد logo “رؤية طرابلس” تواصل جولاتها: أبي سمراء والقبة تحتضنان حشوداً شعبية ودعوات للتغيير
السيسي لرئاسة ثالثة: لا وعود للأحياء
2023-10-04 08:11:33


ترافق الإعلان المتوقع عن نية الرئيس عبد الفتاح السيسي الترشح لفترة رئاسية أخرى، مع تواتر كثيف لحضوره في شاشات التلفزيون. كان مؤتمر"حكاية وطن"، بعنوانه اللائق بسنتمنتالية دراما تلفزيونية من الدرجة الثالثة، الساحة الأساسية لإعلان الرئيس ملامح برنامج الفترة المقبلة من حكمه، وفرصتنا، نحن المتابعين، لتبين وعي النظام بأزمته المستحكمة وتلمس تحولات خطابه، أو بالأحرى انحطاطه المتوالي ووتيرة الانزلاق المفجعة.العصبية التي بدت على الرئيس وملامح وجهه الناقمة، ليست حدثاً نادراً، ولا التصريحات المنفلتة والمخجلة التي صدرت عنه في الأيام الماضية أمراً غير معتاد. كان تدهور لغة النظام سمة رئيسية من سماته منذ الفترة الرئاسية الأولى، لكن وبعد مرور عقد من ذلك المسار الهابط، نصل إلى نقطة بلا أفق. كل مقايضات الحرية بالاستقرار أو الانتعاش الاقتصادي وترحيل الوعود إلى الغد، لم يعد لها مكان. يدرك النظام بوضوح مستوى التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي وصلت إليه الأمور، ويظهر الرئيس نفسه مطلعاً على مدى النقمة الشعبية.من "مصر قد الدنيا، وهتبقى قد الدنيا" و"بكره تشوفوا مصر" إلى "هنجوع" و" ماناكلش ومانشربش"... ينهى الرئيس مواطنيه عن مُطالبَته بأن يأكلوا، نصاً لا تأويلاً، وبمعنى الكلمة لا مجرد المجاز. يفسر الرئيس نواهيه، وهو يضرب مثالاً بدول مات ملايين من مواطنيها بالمجاعة حتى تصبح دولاً عظمى، غالباً في إشارة إلى الصين. وعلى الرغم من المثال الرهيب، فإن منطق النظام لم يحد كثيراً عن مساره، بل وصل فقط إلى محطته النهائية والمتوقعة، فمطالبات متكررة بالتضحية من أجل مصر، ذاك الكيان الخيالي والمطلق والمتعالي، تتكثف في اللحظة الأخيرة في صورة الأضحية الكبرى، أي تقديم الملايين كقربان من أجل "التقدم".سياسة الإرجاء، التي اتبعتها الأنظمة المتعاقبة، أو ما كان يشار إليه عادة بـ"عبور عنق الزجاجة"، غير قابلة للتجديد في أعمار الجيل الحالي. النظام ليس منفصلاً عن الواقع، لكن استيعابه الضاري لاستفحال معضلاته لا يدفعه للتراجع أو مراجعه تدابيره أو تحويل مسار سياساته. بل على النقيض، يحفزه لأخذ وثبة هائلة إلى الأمام وفي الاتجاه نفسه، فالوعد الوحيد المطروح أن التضحيات المحتمة لن يأتي حصادها قبل جيل الأبناء. لا وعود للأحياء إذاً، بل نبوءة عن تقدم ضمانته الوحيدة في علم الغيب.وبما أن شعار من سيء إلى أسوأ، هو الشعار الضمني للحملة الانتخابية، فأن الرئيس بعدما نصح طلاب الجامعات في السابق بالذهاب إلى فصولهم سيراً على الأقدام من باب التوفير، يعود اليوم ليوجههم بالتبرع بدمائهم ومشتقاتها بشكل أسبوعي لتحقيق "دخل محترم". لا وعود بالوظائف ولا بفرص العمل ولا المستقبل، مجازات "مص الدماء" تتعطل أمام الخطاب الرئاسي، وتصل رسملة مؤسسات الدولة ووظائفها وتسليع الخدمات العامة إلى مداها الأكثر شراسة، أي تحويل أجساد المواطنين وسوائلها إلى موضوعات للمقايضة المالية المباشرة.يتوعدنا الرئيس بأنه يستطيع "هدم" مصر بمبلغ لا يتجاوز كلفة حفلة، وهو ثمن كاف لإطلاق مئة ألف من المأجورين ومتعاطي المخدرات في الشوارع. القصد هو تهديد لأي احتجاجات، فالتعامل الأمني معها سيكون على اعتبار أن ما يحركها هو البانجو وشرائط الترامادول. هو أيضاً إنذار ضمني بأن الرئيس قادر ببساطة على إشاعة الفوضى، إن أراد، وإن الدولة شديدة الهشاشة وعلى المحك دائماً.المسوغ الوحيد الباقي لشرعية السلطة هو استشهاد الرئيس بالآية القرآنية، "تؤتي الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء". يحيل السيسي كعادته، مسألة الحكم، إلى المشيئة الإلهية. هكذا تظهر الانتخابات والتصويت وغيرها من الإجراءات الأرضية، مجرد هامش عرضي لمجريات ربوبية. فما دام السيسي في السلطة، فإن ذلك انعكاس لإرادة الله بالضرورة. وطالما أن هذه هي المشيئة السماوية، فإن مقاومتها خروجٌ على القدر الإلهي.يتحرر الخطاب الرئاسي من أي أعباء أو وعود، لا مقايضات من أي نوع. تبدو شريعة الحكم الوحيدة هي العنف، والعنف وحده. أما الاحتفالات الركيكة في الميادين العامة، فلا تسعى لإقناع أحد من الجمهور أو استرضائه. ففوز الرئيس محسوم، والأرجح أن وصلات الرقص العصابي في الشوارع غايتها إسعاد الرئيس نفسه.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top