لم تنتهِ في العام الماضي، قصة الضابط في قوى الأمن الداخلي ميشال مطران، إثر الافراج عنه، حتى لو انتهى الجدل بإطلاق سراحه. انتظر 14 شهراً ليعود الى الواجهة مستقيلاً من موقعه كضابط، بعدما عُرف في وقت سابق كرئيس لحساب "غرفة التحكم المروري" التابعة لقوى الأمن في "تويتر".
ومطران لا يمثل شخصاً، أو موظفاً في قوى الأمن فحسب. مثّل حالة منذ العام 2013، إثر انشاء الحساب في "تويتر" عندما باتت الصفحة مرجعاً لعشرات آلاف المتابعين المهتمين بالسلامة المرورية. فشلت التوعية بتخفيف حوادث السير؟ نعم، لكن الأمر نضال مستمر، اختاره مطران اليوم، رغم علمه بأنه يخوض في قضية "إدارات فاشلة" و"مفلسة".
تبلّغت اليوم رسميّا قبول #إستقالتي بناء على طلبي من مؤسسة قوى الأمن الداخلي بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.أول ما يجب عليّ فعله هو تسديد دينكم جميعا، و #شكركم يوم كنتم إلى جانبي وجانب زوجتي وعائلتي في أوقات الشدة. قضيتي هي قضية أولادكم وقضية ٢٠ ألف ضحية توفوا على الطرقات… pic.twitter.com/YIEtWRGulY
— Michel Moutran (@MichelMoutran) September 28, 2023
في العام الماضي، جرى توقيفه "مسلكياً" إثر كتابة تغريدة في "تويتر"، قال فيها إن الحساب الذي أسسه في العام 2013، وأداره لمدة عامين فقط، ونجح في أمور كثيرة، انتهى بـ"خيبة"، واصفاً الحساب بأنه تحول الى "ورقة نعوة".
تضامن ناشطون معه، لكن مطران اختفى من مواقع التواصل طوال تلك الأشهر الـ14.. ثم، عاد مساء اليوم الخميس بتغريدة أعلن فيها قبول مجلس الوزراء استقالته، وتأسيس "المرصد اللبناني للسلامة المرورية" لدى JUSTICIA واختياره رئيساً له.
اختار مطران وصف قبول استقالته، بناء على طلبه من المديرية العامة لقوى الأمن، بالـ"حرية". قال: "دخلت قوى الأمن الداخلي بهدف تمتينها، وسُجنت أكثر من مرة، وتقدّمت بإستقالتي بهدف تعزيزها حين أُقفلت بالنسبة إلي كل السبل إليها من الداخل".
كانت الوظيفة بالنسبة إلى شخص يحمل آمالاً كبيراً بتحقيق تغيير، بمثابة قيد.. ويسعى اليوم لاستئناف مهمته، لأن قضية السلامة المرورية بالنسبة إليه، "هي قضية أولادكم وقضية 20 ألف ضحية توفوا على الطرق منذ إلتحاقي بالوظيفة العامة العام 2003 ولم يحصل أي منهم على تعويض أو حتى مواساة"، كما قال في تغريدة له شارحاً قضيته..
وأضاف: "إنها أيضاً قضية 240 ألف جريح في الفترة نفسها، لملموا جراحهم مع جراح البلد وتم إيهامهم أن سبب الحادث هو خطأهم فقط".
يوصّف مطران الأزمة المستمرة بالقول: "إنها قضية إدارات فاشلة Failed Administrations ومفلسة بالمعنى الشامل للإفلاس"، مضيفاً: "يمكن لأي مدقّق أن يجد في ميزانياتها مليارات الدولارات صُرفت على شبكة طرق تصنّف اليوم بالأكثر إماتة في العالم".
هي بالفعل "الأكثر إماتة في العالم".. يتراكم القتلى يومياً في طرق لبنان، من دون أن يتحرك أي شخص بحثاً عن الأسباب ومعالجتها. يخبر الناشطون القوى الأمنية ووزارتي الداخلية والاشغال بما يجري، لكن أياً منهم لا يردّ.. أو حتى يرسل بعثة تقصي حقائق، أو وفداً هندسياً الى مواقع باتت تُسمى مواقع موت في طريق البقاع، أو الشمال، أو أوتوستراد صيدا – صور.
قال مطران في تغريدته إنّه يؤمن وبشدة بأن "الفشل الكبير الذي طاول الدولة وإداراتها لم يطاول الوطن". اليوم عاد مطران "مواطناً" يبحث عن دولة "ربّما أجدها أو أساهم في خدمتها بطريقة أكثر حرية وأكثر إنتاجية وأكثر جرأة"، كما قال.