2025- 05 - 11   |   بحث في الموقع  
logo الحجار من حلبا: العملية الانتخابية تسير بشكل جيد بالاجمال وهناك بعض الاشكالات الناتجة عن احتدام المنافسة logo منخفض جويّ الى لبنان.. ما جديد الطقس؟ logo ما جديد نسبة الإقتراع في الشمال؟ إليكم آخر الأرقام logo بالفيديو: وزير الداخلية يسكّت محافظ الشمال رمزي نهرا! logo النائب عبّود بعد الإدلاء بصوته: لمراعاة مصلحة المدينة فوق كل الاعتبارات logo قداسة البابا يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة وسلام دائم في أوكرانيا logo إنتخابات “حامية” جداً.. إشكالات واقتراع “دون المتوقع”! logo عائلة أنطوان حبيب تدلي بأصواتها في انتخابات الميناء البلدية والاختيارية
وداعاً "صوت العروبة"...نجاح سلام أول ملامح الهوية الموسيقية اللبنانية
2023-09-28 16:41:11

رحلت الفنانة اللبنانية نجاح سلام (1931 – 2023)، الملقبة بـ"صوت العروبة"، والصامتة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ربما لا يشبهها في صمتها هذا سوى المطربة سمير توفيق، وهي التي جمعت في صوتها الشجي بين الغناء الشعبي والأناشيدي والطرب، فغنّت الأغاني الشعبية البسيطة: "برهوم حاكيني" و"رقة حسنك وسمارك" و"ميّل يا غزّيل" وقدمت "عايز جواباتك" من ألحان رياض السنباطي و"يا أغلى إسم في الوجود"و"أنا النيل مقبرة للغزاة". يقول الناقد الموسيقي والشاعر فادي العبدالله"من المفيد أن يتذكر المرء أن نجاح سلام كانت من أوائل الأصوات التي واكبت المشروع الأول لبناء هوية موسيقية لبنانية، بعد الاستقلال عن فرنسا في 1943، أي المشروع الذي غنّت سلام فيه من ألحان سامي الصيداوي (يا جارحة قلبي) ونقولا المني وإيليا المتني صاحب يتيمة حوّل يا غنّام بالتوازي مع أغاني نهوند (مثل يا فجر لما تطل) ولاحقاً وداد، وهو المشروع الذي كان يتبدى فيه مزاج بدوي (كما في يا ام العباية) كان زكي ناصيف يشير في أحاديثه إلى أنه كان تجريباً أثناء البحث عن تركيب هوية لهذا البلد الحديث الصنع.
غير أن سلام سرعان ما ابتعدت عن هذا المشروع، الذي لم يدم طويلاً على أي حال، إذ تم إبداله بمشروع تبنته دولة كميل شمعون من خلال مهرجانات بعلبك ورعاية الأخوين رحباني في خلطتها ذات المركزية الجبل ـ لبنانية والتوزيع الغربي، وهو ما كان متوافقاً مع توجه مجموعة أخرى من الموسيقيين آنذاك كتوفيق سكر وزكي ناصيف وتوفيق الباشا على تفاوت خصائص كل منهم ما بين الاهتمام بالموسيقى الكنسية البيزنطية والسريانية أو التوزيع الكلاسيكي الأوروبي لثيمات تراثية وهو ما استخدمه أيضاً الرحابنة في صيغة غنائية".
نجاح سلام الآتية من عائلة بيروتية معروفة، فجدها عبد الرحمن سلام مفتي لبنان، قريبها الرئيس صائب سلام، شقيقها الصحافي عبد الرحمن سلام، ووالدها الفنان وعازف العود محيي الدين سلام ورئيس ومؤسّس الدائرة الموسيقية في الإذاعة اللبنانية آنذاك، والمُشرِف على إختيار الأصوات والمكتشف للكثير من النجوم، وقد علّمها أصول الغناء في بداياتها، فقرابة العام 1940- 1941، اكتشف والدها جمال صوتها في تلك الفترة المبكرة، حين كانت في مدرسة الحاج سعد الدين الحوري الملاصقة لبيتها، حيث كانت تقرأ القرآن في "طابور" الصباح، وكان الملعب يطل على غرفة نوم والدها، ومنذ ذلك الوقت أدخلها إلى مدرسة "زهرة الإحسان" وهي مدرسة راهبات داخلية ليقطع الطريق عليها، كون المدرسة شديدة، فيها قسوة. فكانت مسألة محزنة بالنسبة لها. في العام 1942، كان أول حفل لها في "جونيور كوليدج" في الجامعة الأميركية، في قاعة "الوست هول".
(مع الشاعر أسعد السبعلي)في عام 1948، سجّلت نجاح سلام أغنيتها الأولى "حوّل يا غنام حوّل" في الإذاعة اللبنانية، وهي من تأليف وألحان إيليا المتني، ولاقت نجاحاً كبيراً، لتتحوّل إلى أسطوانة أنتجتها شركة "بيضافون" في العام التالي، وتتلقى دعوات عدة للغناء في حلب ودمشق وبغداد، وهي الأغنية التي أعاد تأديتها فنانون كثر.بعد "حول يا غنام" أتت أغنية "يا جارحة قلبي" لحن سامي الصيداوي، ثم تبعهما العديد من الأغنيات التي كانت تنجح الواحدة تلو الأخرى، مثل: "يا عربجي خفف سيرك"، "ع الوادي يالله ع الوادي"، "على مسرحِك يا دنيا" لنقولا المنّي. ثم من ألحان الصيداوي غنت مجدداً "ع نار قلبي ناطرة" و"وينك يا ليلى"، ومن ألحان فليمون وهبي "حملتّني فوق الألم ألم البعاد" و"القطر جه وحبيبي ما جاش"... هذه الألحان التي غنتها نجاح قوبلت بنجاح واسع في لبنان، وامتدت إلى الجوار فتلقت عقداً من الإذاعة السورية، للغناء ووصلت شهرتها الى العراق، اذ كانت أغنيتها "حول يا غنام" على كل لسان هناك، مما جعلها تمكث ستة أشهر في بغداد وتغني في كل ليلة في نادي (روكسي).
تقول: "خلال انتقالنا بالباص من سورية إلى العراق، توقف الباص في استراحة اسمها "الشاي خانة"، فقصدها والدي بينما كنت غارقة في النوم، ولكنه ما لبث أن عاد على الفور وأيقظني وقال لي: "رح تشوفي شي رح يفرحّك مدى العمر". ثم توجهنا نحو الإستراحة، وعندما وصلنا إلى مدخلها قال لي "انظري"، فرأيتُ صورة كبيرة لي مثبتة ومكتوباً تحتها "المطربة الناشئة نجاح سلام". فبكيتُ من الفرح لأن صورتي موجودة في الصحراء".

في العام 1951 كنت تغني في فندق "طانيوس" في عاليه، وكان فريد الأطرش سمع بها وحجز طاولة وجاء خصيصاً لسماعها بصحبته شقيقه فؤاد وسامية جمال وعزيز عثمان وليلى فوزي. غنت له: "يا عواذل فلفلوا" وقف وصفق طويلاً ثم إلتقته مع والدها في الفندق وطلب منه مرافقتها الى مصر، فأخبره والدها إن نجاح لن تذهب الى مصر، يكفيها مرة واحدة. فعلق فريد: "لا لازم تروح مصر". رغم معارضة الأب في البداية، إلا أنها انتقلت إلى القاهرة التي سبقتها إليها العديد من المطربات اللبنانيات في ذلك الوقت، ومنهن نور الهدى وصباح ولور دكاش، وبدأت عملها في السينما، حيث أدّت أدواراً رئيسية في عدد من الأفلام، كان أولها في فيلم "على كيفك" (1952) من تأليف أبو السعود الإبياري وإخراج حلمي رفلة. وشاركت لاحقا في العديد من الأفلام الغنائية.
تعرفت نجاح إلى رياض السنباطي فغيّر إتجاهها الفني بشكل جذري. وقال لها: "هذه الأغنيات قليلة بالنسبة لصوتك وموهبتك، صوتك فيه أكثر من هذا بكثير". فلحن لها "النيل مقبرة للغزاة" في عام 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر، ثم لحن لها "عايز جواباتك"، "أمة الحق"، "ياظالمني"، "الشهيد" وغيرها الكثير من الأغنيات الرائعة. غنت أيضاً من ألحان عبد الوهاب وخاصة أول فلم مثلته عنوانه "سكة السعادة".
كما أن محمد الموجي لحن لها "يا مالكاً قلبي"، وهي الأغنية نفسها التي غناها عبد الحليم حافظ، وكذلك "يا أغلى اسم في الوجود"، "ليه كل قلبي ما يصفى لك"، "ما احلى الغنا"، "يا أرض يا أم الخير يا طيبة"، إضافة إلى أغاني فيلم كامل. ومن ألحان سيد مكاوي غنت "الله يا ليل" و"يا مفرحة قلبي" و"آخر حلاوة". وتعاونت مع بليغ حمدي أحمد المحلاوي وفؤاد حلمي وغيرهم من الملحنين المصريين. أما من الملحنين اللبنانيين فقد غنيت لكثيرين، ومن بينهم: نقولا المني، شفيق أبو شقرا، حليم الرومي، إيليا المتني، عبد الغني شعبان، سامي الصيداوي، وعفيف رضوان، وحسن غندور. ومن سوريا غنت من لحن عدنان قريش وسهيل عرفة وشفيق شكري ونجيب السراج وغيرهم.

بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، قدمت أغنيتها الشهيرة "يا أغلى اسم في الوجود"، التي ستكون فاتحة للعديد من الأغاني الوطنية والعاطفية التي لحّنها لها كبار المؤلفين الموسيقيين خلال الستينيات والسبعينيات.
وشكلّت مع زوجها الفنان الشامِل محمّد سلمان ثنائياً فنياً ووطنياً مذ قدّم رائعته: "لبيّك يا علَم العروبة"، وقبل إستقلال الجزائر كانت نجاح سلام الصوت الأول الذي غنّى: "يا طير يا طاير خد البشاير من مصر وإجري على الجزاير". وفي حرب تشرين دوّى نشيدها "سوريا يا حبيبتي" الذي أصبح النشيد القومي غير الرسمي لسوريا، من تأليف وتلحين محمّد سلمان الذي شاركها الغناء ومعه المطرب محمّد جمال.وعن علاقتها بزوجها الفنان محمد سلمان تقول في حوار صحفي: "والدي احتضن محمد سلمان. هو كان يسكن مع والدته في منطقة البسطة الفوقا خلف بيتنا. والده كان قد توفي وكان جنوبياً مكافحاً، تعب من أجل تعليم ابنه الوحيد محمد، الذي كان عصامياً تماماً كما والده. محمد كان يغني في الإذاعة اللبنانية، كما كان يدرّس في ثانوية العاملية. وعندما أراد إكمال دراسته في القاهرة أرسل معه رشيد بيضون، رئيس الجمعية العاملية، رسالة وسلّمها إلى أحد عمداء الجامعة للاهتمام به. ولكنه بدل دخول الكلية، دخل الاستوديوات من أجل الغناء والتمثيل"، تضيف "في العام 1954 ذهبتُ برفقة والدي إلى مصر من أجل تصوير فيلم «السعد وعد»، وكان من المفترض أن يشاركني بطولته الممثل شكري سرحان، ولكنه طلب مبالغ مادية أكبر مما تسمح به الميزانية، فعرض والدي على المنتج أن يستبدله بمحمد سلمان، لأنه كان يحبه كثيراً، وقال للمنتج: نجاح لا يمكن أن تمثل في الفيلم إلا إذا شاركها في بطولته محمد سلمان، وهذا ما حصل بالفعل، و«كسّر الفيلم الدنيا». و"هذا الفيلم قرّب بيننا كثيراً. ومن خلال مشاركتنا فيه، نشأتْ بيننا بوادر الحب، وعلاقتنا صارت متينة من خلال «الدويتوهات» المشتركة التي كنا نقدمها على المسرح". وسرعان ما تزوجا "خطيفة"، وهذا أزعج الرئيس صائب سلام.

وفي العام 1974 اندلعت الحرب اللبنانية فسافرت إلى القاهرة وأقامت فيها حيث تم تكريمها بمنحها الجنسية المصرية وأطلق عليها لقب "عاشقة مصر" لما قدمته من أغنيات وطنية من عهد الرئيس جمال عبد الناصر. وعندما استلم الرئيس اللبناني إلياس الهراوي رئاسة الجمهورية اللبنانية، قام بزيارة القاهرة، وكانت نجاح سلام أول المستقبلين له في مبنى السفارة اللبنانية في القاهرة، فبادرها بالقول أنها ثروة وطنية وفنانة عظيمة لا يجوز أن تظل خارج بلادها. فعادت إلى لبنان وقدمت "لبنان درة الشرق" كلمات الشاعر صالح الدسوقي وألحان الفنان أمجد العطافي، وقد كرمها الرئيس الهراوي في قصر الرئاسة ومنحها وسام الإستحقاق برتبة فارس.

انقطعت عن الغناء منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بعد أن تركت أثراً لا يُمحى في ذاكرة الأغنية العربية، حيث يقول محمد عبد الوهاب: "صوت نجاح سلام يتحدى الزمن، إنه الصوت الذي لا يشيخ أبداً".



وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top