يعكس تأخر النظام السوري في طرح السلع المدعومة لحاملي البطاقة الذكية، الأعباء الكبيرة التي تعانيها الخزينة من ملف الدعم، ما يزيد من احتمال لجوء النظام في المستقبل إلى إلغاء توزيع المخصصات، كحل أخير للتملص من دعم المواطن.
وكانت صحيفة "الوطن" الموالية أشارت إلى "تراجع الآمال بافتتاح دورة جديدة لتوزيع المواد المقننة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" بعد مضي "أكثر من ثمانية أشهر على افتتاح الدورة السابقة، ولم يعد المواطن يعول على التدخل الإيجابي من السورية للتجارة عند حدوث أي ارتفاعات للأسعار في السوق".
ولم تستبعد الصحيفة لجوء "السورية للتجارة" إلى "طرح عدة مواد مثل السكر والأرزّ والزيت النباتي والعدس المجروش والسمنة والتونا بالسعر الحر عبر البطاقة العائلية ومن دون رسائل وبكمية محددة لكل عائلة" كبديل عن المواد المقننة.
وخلال الأسابيع الماضية، أعلنت وزارة التجارة الداخلية أكثر من مرة عن نيتها افتتاح دورة توزيع جديدة في مطلع شهر أيلول/سبتمبر الجاري، لكن على ما يبدو أن أسعار هذه المواد التموينية في السوق والتي تعتبر غير مضبوطة، هي التي منعت "السورية للتجارة" من افتتاح دورة جديدة وبيعها بالسعر المدعوم من قبلها، حسب ما أفادت صحيفة "الوطن".
تحايل على المواطن
ويرجع الخبير الاقتصادي رضوان الدبس تأخر افتتاح دورة توزيع المواد المدعومة إلى تأخر وصول المواد كونها سلع مستوردة، وإلى عدم توفر السيولة النقدية من القطع الأجنبي في المصارف لاستيراد هذه المواد.
ويضيف خلال حديث لـ"المدن" أن تقصير النظام في رفد المواطنين بالسلع المدعومة "أمر متوقع نتيجة فراغ الخزينة"، مرجحاً أن النظام قد يلجأ إلى تقليص بيع المواد التموينية عبر البطاقة الذكية إلى الحد الأقصى مع الاستمرار في التأخر بافتتاح دورات التوزيع الجديدة.
وفي المقابل، يستبعد الدبس إلغاء النظام للمخصصات المدعومة عبر البطاقة الذكية واستبدالها بطرح السلع بالسعر الحر في الوقت الحالي، لأن الإيقاف المفاجئ سيتسبب بردة فعل عكسية خصوصاً ضمن شريحة الموظفين الذين لا يتجاوز المعدل الوسطي لرواتبهم الـ150 ألف ليرة سورية، وبالتالي من المرجح حدوث إضرابات وأعمال شغب، ولأن رفع الدعم عادة يقابله رفع الرواتب بنسبة لا تقل عن 300%.
ومع أن النظام لن يلجأ إلى وقف دعم بعض السلع التموينية، إلا أنه قد يلجأ إلى آليات معينة تخفف الحمل المالي عن الخزينة مثل رفع أسعار السلع المدعومة وتقليصها وتأخير افتتاح دورات التوزيع.
إلغاء الدعم
وبالرغم من أن نسبة الدعم الاجتماعي من الموازنة العامة للعام 2023 وصلت إلى 4 مليار و927 مليون ليرة، إلا أنها فقدت معظم قيمتها بسبب تهاوي قيمة الليرة، ما يعني أن حجم الدعم الاجتماعي انخفض بشكل غير مسبوق.
ويقدّر وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري انخفاض حجم الدعم الاجتماعي في الموازنة الحالية بنسبة تتجاوز الـ25%. ويوضح خلال حديث لـ"المدن" أن النظام قام أكثر من مرة خلال النصف الأول من العام الحالي بتقليص عدد المواد المستوردة الممولة بسعر الدولار الرسمي، مما ساهم في رفع أسعارها.
ويتابع المصري أن سعر الدولار الرسمي زاد أكثر من 150% ما ينعكس على أسعار السلعة ويشكل عبئاً على الموازنة وعلى الدعم الاجتماعي فيها. ولا يستبعد لجوء النظام إلى إلغاء المخصصات المدعومة وطرحها بالسعر الحر بسبب افتقار الخزينة إلى القطع الأجنبي وانهيار الليرة ما يعني المزيد من العجز في الموازنة.