2024- 05 - 05   |   بحث في الموقع  
logo التجديد للطوارئ: محك للديبلوماسية اللبنانية ونفوذ اسرائيل logo متى سيُسلم بري الرد اللبنانيّ على الورقة الفرنسية؟ logo معطيات جديدة عن عصابة الـ “تيك توك”… وتسجيلات صوتيّة منسوبة للرأس المدبّر logo في بعلبك.. مطلوبٌ يقع بقبضة المخابرات! logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم السبت logo بالفيديو: “موكب حفل زفاف” يثير هلعاً في طرابلس.. ماذا حصل؟ logo رسمياً… ريال مدريد بطل الدوري الإسباني logo "حماس": نتنياهو شخصيًا يعرقل التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة
درنة الليبية... الواقع لا التنبؤ
2023-09-17 11:27:51


في زمن الكوارث والمخاطر، لا تنتعش العودة الجامحة إلى الدين والغيب فحسب، بل كثيراً ما ينشغل بعض الكتّاب والمعلقين والاعلاميين بصدفة ما في حياة كاتب أو شاعر أو من خلال كتاب أو مقالة أو قصيدة أو فيلم، ويحيلونها إلى التوقع أو التنبؤ "الصادق" على نحو ما يفعل المنجم والفلكي ومشعوذ الشاشة، فيقولون أن هذه الرواية لفلان توقعت "الهزيمة الشاملة"، وتلك تنبأت بـ"حرب مدمرة" وهاتيك الرواية الديستوبية قامت باستقراء المستقبل وتوقعت "سيطرة الاستبداد وهيمنته"...
ولأن أجواء الحرب اللبنانية(مثلاً) كانت متشعبة وشهدت مقدمات طويلة ومنازعات ميدانية وتدخلات كونية، أتحفنا بعض الكتّاب بأن ذاك الشاعر البطريرك والرؤيوي و"الرائي"، على نحو ما كان رامبو الفرنسي رائياً، توقّع الحرب و"حذر منها"، أي أنه يتوقع الواقع والمحسوس ولا يحاكي الغيب واللاموجود، وأتحفنا أيضاً بعض الثوريين بأن ذاك القوّال المسرحي الفكاهي والموسيقى العبقري كان "نبياً" حين تكلّم عن الحرب وقال بـ"حدوثها"، كأن هؤلاء الذين يسوقون هذه الأفكار الفارغة، لم يقرأوا جريدة، ولم يسمعوا الأخبار، ولا أزيز الرصاص...ولأن الاتحاد السوفياتي كان يتصدّع ويسقط، ورآه الكثيرون يسقط على الملأ، ومع ذلك، هناك من بين الكثيرين من خرج ليقول إنه توقع سقوطه وحذر منه، وكتب مطوّلات عن مكامن الخلل في السقوط...
ولم تسلم جائحة كورونا من موجات التنبؤ، فمجرد أن دوّن كاتب خيالاً علمياً عن وباء فتاك يجتاح العالم، يعتبرونه توقعاً، مع العلم أن الأوبئة لا تغيب عن اليوميات المعيوشة... حتى في أبسط الأمور تحضر التوقعات، فلأن الشاعر كريم العراقي كتب قصيدة عن موته، قالوا إنه "تنبأ بموته"...ونصل إلى بيت القصيدة، ففي ليبيا بعد كارثة اعصار دانيال في درنة ومقتل الآلاف، أنشغلت وسائل الاعلام برحيل الشاعر، مصطفى الطرابلسي(45 عاماً)، الذي قضى بعد ساعات من نشره أبياتاً شعرية داعمة لوحدة وطنه(ليبيا)، وهو بحسب المتابعين حذر مراراً وتكراراً من خطر داهم على درنة، لدرجة أنه عقد ندوة بهذا الخصوص قبل أيام. وأعاد ناشطون نشر تدوينات الطرابلسي عبر "فيسبوك"، حيث بدأ بالتحذير بشدّة من "الموت الجماعي" منذ مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، أي مع بداية اقتراب إعصار دانيال من ليبيا. وعبّر الطرابلسي عن أسفه من أنّ الندوة التي نظمها بعنوان "وادي درنة... تبعات الإهمال ومخاطر الانهيارات"، لم يحضرها سوى 20 شخصاً. ومن منشوراته الأخيرة على صفحته على "فيسبوك" قبل رحيله: "ليس لنا في هذه الشدة إلا بعض.. لنتساند حتى لا نغرق". واعتبرت صحيفة "غارديان" البريطانية في تقرير لها، أن كلمات الطرابلسي كانت بمثابة "جرس إنذار اختار المسؤولون في درنة عدم سماعه. والآن أصبح سكان المدينة يسمعون صوتًا مختلفا، هو صوت البلاء المتمثل في حديث أمهات عن فقدان أطفالهن". ومن آخر كتابات مصطفى الطرابلسي قصيدة بعنوان "المطر"، نشرها على صفحته على "فيسبوك"، وجاء فيها:
المطر.. يفضحُ الشوارعَ الرطبة
والمقاولَ الغشاش.. والدولةَ الفاشلة
يغسلُ كلَّ شيء.. أجنحةَ العصافير.. ووَبَر القطط
يذكرُ الفقير بسقفه النحيل.. وردائهِ الهزيل...
أحسب أن الطرابلسي لم يتوقع شيئاً، ولم يتنبأ بل وصف الواقع في المدينة الليبية ولم ينج منه، قال ما تشاهده العين وليس ما يقوله الخيال، كلام يدعو إلى "النخوة" اذ جاز التعبير، وتعبيره "كي لا نغرقط يشبه تعبير "كي لا يسقط الهيكل"، في بلد شهد على مدى عقود حكماً اعتباطياً عشوائياً، مزاجياً، سريالياً، انتهى بثورات وحروب ومنازعات وميليشيات وتصدعات وتدخلات خارجية... وأخيراً كوارث طبيعية...
على أن الحديث عن التنبؤ في جانب منه بحث عن الاثارة الشعبوية، فحتى لو تحققت بعض النبؤات المنسوبة لبعض الأدباء والكتاب الشعراء، على أرض الواقع فهي مجرد صدف، فالتنبؤ بالمستقبل أفكار وتخيلات عشوائية غير مستندة إلى أسس علمية راسخة. لكن المحنة أن البشرية تحب الألغاز والأمور الماورائية، رغم تكرار مقولة كذب المنجمون ولو صدقوا، لنتأمل أن أستاذاً في جامعة بيركلي الأميركية قام بتقييم ٨٢٣٦١ نبوءة قالها ٢٨٤ خبيرًا في فترةٍ زمنيةٍ امتدَتْ لعَشْر سنوات. النتيجة: لم تكن نسبةُ تَحقُّق النبوءات أعلى من معدل تَحقُّق أي صدفة. و"لقد ثبت أن أسوأ المتنبِّئين هم مَن يتمتعون باهتمامٍ إعلاميٍّ على نحوٍ خاص، وعلى رأسهم متنبِّئو نهاية العالم".(فن التفكير الواضح، رولف دوبلي، دار هنداوي).


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top